يمكن القول إن ليونيد إيفانوفيتش روجوزوف وإيفان أونيل كين هما أشهر الجراحين الذاتيين في التاريخ الحديث، حيث قصصهم مقتبسة من العديد من دراسات الحالة التي ألهمتها أعمالهم.
الطبيب ليونيد روجوزوف
على الرغم من أن الروس معروفون برباطة جأشهم، إلا أن طبيب لينينغراد ليونيد إيفانوفيتش روجوزوف، تفوق على معظم مواطنيه عندما قام باستئصال الزائدة الدودية الخاصة به. وافق روجوزوف، وهو جراح وأكاديمي واعد، على مرافقة بعثة قطبية مكلفة ببناء نوفولازاريفسكايا - قاعدة جديدة في القارة القطبية الجنوبية- عمل الشاب البالغ من العمر 27 عامًا كطبيب الفريق وخبير الأرصاد الجوية وسائقًا.
وبعد وقت قصير من الانتهاء من المشروع، اتخذت الأمور منعطفا آخراً، أذ اكتشف أن معه زائدة دودية وبحاجة لعملية جراحية مستعجلة.
كتب روجوزوف في مذكراته "يبدو أنني مصاب بالتهاب الزائدة الدودية. أنا ألتزم الصمت حيال ذلك، حتى أنني أبتسم. لماذا أخاف أصدقائي؟".
وإذا ترك التهاب الزائدة الدودية دون علاج، فإنه يؤدي إلى الإنتان القاتل. ولسوء الحظ، كان أقرب مستشفى على بعد آلاف الأميال. ولم يجد روجوزوف أي خيار آخر سوى إزالته بنفسه.
وبعد أن ساعده الفريق في الاستعدادات، استلقى روجوزوف على الطاولة، ووضع نفسه في وضعية الاستلقاء، وقام بإجراء الشق الأول.
وكتب نيل بيرميل في دراسة الحالة "لقد تسلل روجوزوف أولاً إلى طبقات جدار البطن باستخدام 20 مل من البروكايين (مخدر موضعي) بنسبة 0.5%، باستخدام عدة حقن. وبعد 15 دقيقة، قام بعمل شق بطول 10-12 سم".
وأضاف "لم تكن الرؤية في عمق الجرح مثالية؛ في بعض الأحيان كان عليه أن يرفع رأسه للحصول على رؤية أفضل أو لاستخدام المرآة، لكنه كان يعمل في معظم الأحيان من خلال الإحساس".
وانتهت العملية التي أُجريت عام 1964 خلال ساعة و45 دقيقة. أزال روجوزوف الزائدة الدودية المصابة، واستخدم المضادات الحيوية بعناية، وأغلق الجرح. وبعد أسبوعين استأنف مهامه في القاعدة.
الطبيب العجوز إيفان أونيل كين
يشتهر إيفان أونيل كين، كبير الجراحين في مستشفى كين ساميت بولاية بنسلفانيا الأمريكية، بإجراء العديد من العمليات الجراحية الذاتية. وبعد أن أجرى أكثر من 4000 عملية طبية، أراد تجربة مهنته من وجهة نظر المريض.
طوال سنوات ممارسته الطويلة، استخرج كين الزائدة الدودية عام 1921، وأجرى عملية جراحية للفتق الإربي عام 1932، وبتر أحد أصابعه عام 1919.
وكتب ريني تشالمرز في دراسة حالة مخصصة لاستئصال الزائدة الدودية التلقائي لكين "كان يجلس على طاولة العمليات مسنودًا بالوسائد ومعه ممرضة ترفع رأسه إلى الأمام حتى يتمكن من رؤيته، قام بهدوء بقطع بطنه، وقام بتشريح الأنسجة بعناية وإغلاق الأوعية الدموية بينما كان يشق طريقه إلى الداخل".
وقال "لقد أخبر مراسل التايمز أنه أجرى هذه الجراحة الذاتية لإثبات سلامة كل من التخدير الموضعي في عملية كبرى واستئصال الزائدة الدودية".
هذا العملية التي جرت عام 1921 شهدها شقيقه د. توم إل كين، الذي ساعده على إغلاق الجرح. وعلى الرغم من أنه كان يبلغ من العمر 60 عامًا في ذلك الوقت، إلا أن كين ابتسم طوال الإجراء بأكمله.
وفي حالة استثنائية، قام الطبيب الأمريكي إيفان كين بإجراء عملية جراحية أخرى لنفسه لتصحيح فتق إربي كان يعاني منه منذ سنوات. كان كين في السبعين من عمره عندما أجرى هذه العملية المحفوفة بالمخاطر في عام 1932، بعد أن تسبب حادث سقوطه من حصان في إصابته بالفتق.
واستخدم كين مخدراً موضعياً فقط، وأدار الجراحة بنفسه في مستشفى كان يعمل فيه، وسط حضور عدد من الصحفيين والمصورين، الذين وثقوا هذه اللحظة التاريخية. استمرت العملية لمدة ساعتين تقريباً، وكان خطأ بسيط قد يؤدي إلى نزف حاد أو حتى الموت. ولكن كان كين محظوظاً، فتكللت جهوده بالنجاح، وعاد إلى عمله بعد يوم ونصف فقط من إجراء العملية.