أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ظهر اليوم الثلاثاء، أن عشر مقاطعات تركية تضررت من زلزال أمس وأصبحت مناطق منكوبة، كما أعلن أنه سيتم تطبيق حالة الطوارئ عليها للأشهر الثلاثة المقبلة.
وشدد أردوغان أن حكومته تعتزم فتح أبواب الفنادق في منتجع أنطاليا لأولئك الذين تأثروا بالزلزال ونزحوا من منازلهم.
وارتفع العدد الرسمي للقتلى في تركيا جراء الزلزال إلى 5151، في حين بلغ عدد القتلى في سوريا المجاورة، والتي تعرضت أيضا لأضرار جسيمة إلى 1832قتيلا. وأصيب قرابة 20 ألف شخص في البلدين: حوالي 16 ألف في تركيا وحوالي 3500 في سوريا.
وانهارت آلاف المنازل وأصبح ما يقرب من مليون بلا مأوى، وقدرت منظمة الصحة العالمية الليلة الماضية أن العدد النهائي للقتلى في البلدين سيصل إلى 20 ألف.
ويعمل أكثر من 24 ألف من عناصر الإنقاذ في جميع أنحاء تركيا حاليًا لمساعدة الضحايا.
وقالت نورغول أتاي، أحد سكان مدينة أنطاكيا عاصمة مقاطعة تاي "أمي تبلغ من العمر 70 عامًا، ولن تدوم طويلاً". وقالت إنها كانت تسمع صوت والدتها تحت الأنقاض، لكن محاولاتها وآخرين للوصول إليها كانت بلا جدوى، وهم بحاجة ماسة إلى موظفين متخصصين ومعدات ثقيلة. وقالت: "لو تمكنا فقط من رفع الكتلة الخرسانية الكبيرة، لتمكنا من الوصول إليها".
في هاتاي وغيرها من الأماكن في المنطقة التي عانت من الزلزال، تعاني من تعطل كبير في الاتصال بالإنترنت، كما أن الطرق المتضررة تؤخر نقل الطواقم والمعدات الأساسية هناك.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس "الآن هو سباق مع الزمن". "كل دقيقة مهمة، ومع كل ساعة تمر، تقل فرصة العثور على ناجين".
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن عدد الأطفال الذين قتلوا في الزلزال قد يصل إلى الآلاف.
البرد والثلج يُعدم الأمل في وجود ناجين
ويحاول عناصر الإنقاذ الوصول إلى الأشخاص المحاصرين الذين ما زالوا على قيد الحياة قبل غروب الشمس، حيث أن المنطقة التي وقع فيها الزلزال طقسها باردًا جدًا، وفي الليل تنخفض درجات الحرارة في بعض المدن إلى 7 درجات تحت الصفر، وفي بعض القرى بالجبال قد تصل إلى سالب 15، فيما لا تزال صرخات المحاصرين تُسمع حتى الآن.
وقال إبراهيم هاسكولوغو، وهو صحفي تركي من اسطنبول، لبي بي سي، إن الناس كانوا يرسلون له ولصحفيين آخرين مقاطع فيديو وصوت ورسائل من تحت الأنقاض.
وقال: "يخبروننا بمكانهم ويرسلون مواقعهم، لكن لا يمكننا فعل أي شيء".
ضحايا زلزال سوريا ليس لهم إلا الله
وبينما ترسل دول العالم عشرات البعثات الإغاثية إلى تركيا لمعالجة ضحايا الزلزال هناك، يوجد قلق متزايد في الساعات القليلة الماضية على مصير الضحايا في مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، والذين تضرروا بشدة من الزلزال.
حيث حذر مسؤولون دوليون اليوم من أن نظام بشار الأسد يرفض السماح لمنظمات الإغاثة الدولية الناشطة في مناطق الثوار بنقل المساعدات الإنسانية من العالم مباشرة إلى سكان هذه المناطق، ويصر عوضاً عن ذلك على أن تمر المساعدات من خلاله.
وبينما في تركيا تدار المساعدات للضحايا من قبل سلطة عليا واحدة، وهي الحكومة التركية، إلا أن سوريا ليست موحدة.
ففي مناطق المعارضة في شمال غرب سوريا، يعيش اللاجئون في ظروف مزرية وفي مخيمات خيام موبوءة بالأمراض، كما أدى القصف العنيف الذي عانت منه المنطقة من جيش الأسد والجيش الروسي في السنوات الأخيرة إلى جعل العديد من المنازل هناك تتداعى وتنهار بسهولة عندما اهتزت الأرض في وقت مبكر من صباح أمس.
ويعتمد الملايين من السكان هناك على المساعدات الإنسانية الدولية التي تقدمها الأمم المتحدة، وتقوم المئات من شاحناتها بتوصيل الغذاء والدواء لهم كل شهر.
لا مساعدات لضحايا زلزال سوريا
وبالإضافة إلى الكارثة التي ألحقها الزلزال بسكان الشمال السوري، يضطر سكان مناطق الثوار الآن للتكيف حتى بدون المساعدات التي كانت تقدم لهم في الأيام العادية، لأن الطرق المتصدعة وغيرها من المشاكل الناجمة عن الزلزال.
وتقول الأمم المتحدة إن الإمدادات الموجودة حاليا في منطقة المعارضة السورية ستستمر لمدة ثلاثة إلى خمسة أيام فقط، ويجب تجديدها بشكل عاجل، وهذه المرة يجب أيضا إضافة المساعدات المرتبطة مباشرة بالزلزال.
الولايات المتحدة: "لن نلجأ لمن هاجم مواطنيه بالغاز"
أفادت قوات الإنقاذ في مناطق المعارضة السورية في الوقت الراهن عن مقتل نحو 1832مواطن في الزلزال الذي ضرب منطقتهم (أكثر من 800 آخرين قتلوا في مناطق سيطرة نظام الأسد)، لكن تشير التقديرات إلى أن الحصيلة النهائية للقتلى هناك ستكون أعلى من ذلك بكثير، لأن مئات العائلات لا تزال مدفونة تحت الأنقاض.
ويطالب مسؤولون في الغرب بتحويل المساعدات لضحايا الزلزال من خلال منظمة "الخوذ البيضاء" التي تساعد اللاجئين وضحايا القصف في مناطق المعارضة منذ عدة سنوات، لكن النظام السوري يثير الصعوبات، حيث صرح سفير سوريا لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، مساء أمس، بضرورة إدارة بلاده لنقل المساعدات إلى جميع مناطق البلاد بما في ذلك مناطق المعارضة.
ونشر الهلال الأحمر السوري بيانا اليوم بأنه مستعد أيضا لنقل المساعدات لمناطق المعارضة "لا نفرق بين السوريين والسوريين، بل يعملون من أجل الشعب السوري كله".
واستبعد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الليلة إمكانية وصول المساعدات إلى مناطق المعارضة عبر الحكومة السورية، الحكومة نفسها التي قصفت سكان المنطقة بلا رحمة.
وقال "كيف سنلجأ إلى حكومة الأسد، حكومة تعاملت مع شعبها بوحشية لمدة 12 عامًا، وتهاجمه بالغاز، وتذبحه، وكانت مسؤولة عن معظم المعاناة التي تسبب فيها".
وأكد أن واشنطن تطالب بإيصال المساعدات عبر المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق المعارضة والتي تنسق معها نقل المساعدات طوال السنوات الماضية: "هؤلاء الشركاء على عكس النظام السوري".
ودعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا باربوك، روسيا الحليف الأقرب لسوريا، إلى الضغط على نظام الأسد للسماح بتدفق المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال في مناطق المعارضة "من المهم الآن وضع الأسلحة جانباً و تركيز كافة جهود المساعدات الإنسانية في المنطقة على إعادة تأهيل الضحايا وحمايتهم لأن كل دقيقة مهمة".